فينيسيوس جونيور… من فقر البرازيل إلى بريق ريال مدريد
الصورة من Wikimedia Commons – تصوير Real Madrid – مرخصة بموجب CC BY‑SA 3.0
مقدمة
وُلد فينيسيوس خوسيه بايستاو دي أوليفيرا جونيور في مدينة ساو جونزالو البرازيلية عام 2000، في واحدة من أفقر المناطق القريبة من ريو دي جانيرو. نشأ في عائلة بسيطة حيث كان المستقبل غير مضمون، والظروف المادية ضاغطة، لكن شغفه بكرة القدم كان ينبض في قلبه منذ نعومة أظافره. كان فينيسيوس يمضي ساعات طويلة في الشوارع الملئية بالأتربة يلعب الكرة مع أصدقائه، وتعلّق بعالم المستديرة كملاذه الوحيد من حياة الفقر والمخاطر المحيطة به.
كانت كرة القدم بالنسبة له أكثر من مجرد لعبة، بل كانت حلمًا، وطريقًا للهروب من واقع قاسٍ إلى عالم من المجد والإنجازات. بدأ حلمه يتبلور تدريجيًا عندما لاحظه الكشافون في أكاديمية نادي فلامنغو، أحد أعرق الأندية البرازيلية، ومن هناك انطلقت رحلة اللاعب الصغير نحو النجومية العالمية.
البداية الاحترافية: فلامنغو وريال مدريد
انضم فينيسيوس لجماهير فلامنغو في سن صغيرة، وتدرج في الفئات السنية حتى أصبح أحد ألمع نجوم الفريق الأول عندما شارك لأول مرة عام 2017 وهو في سن السادسة عشرة فقط. أظهر مهارات فردية استثنائية وسرعة فائقة وقدرة على المراوغة جعلته محط أنظار كبار الأندية الأوروبية.
في صيف 2018، لم يتردد ريال مدريد في استثمار مبلغ ضخم يقدر بحوالي 46 مليون يورو للتعاقد مع اللاعب الواعد، ليصبح واحدة من أغلى الصفقات في تاريخ كرة القدم للاعب تحت 18 عامًا. هذه الصفقة أثارت ضجة كبيرة في الوسط الرياضي، حيث رأى الكثيرون أن ريال مدريد يراهن على مستقبل جديد لبناء الفريق حوله.
لكن التحدي الحقيقي كان كيفية اندماجه في بيئة جديدة، بعيدًا عن وطنه، وبين نجوم عالميين، وهو لا يزال شابًا صغيرًا. فكان عليه أن يتكيف سريعًا مع أسلوب كرة القدم الأوروبي وثقافة النادي الملكي العريقة، مما تطلب منه الكثير من الصبر والعمل الجاد.
التحول إلى نجم عالمي
قضى فينيسيوس فترة قصيرة مع فريق ريال مدريد كاستيا، الفريق الرديف، حيث تمكن من تطوير مستواه والتأقلم مع ضغط المنافسة. ومع بداية موسم 2019، بدأ يشارك بشكل متزايد مع الفريق الأول، وأثبت أنه لاعب لا يمكن الاستغناء عنه.
كان عام 2022 نقطة التحول الكبرى في مسيرته، حين سجل هدف الفوز الحاسم في نهائي دوري أبطال أوروبا ضد ليفربول، ليقود ريال مدريد للفوز بالكأس الأغلى في القارة. هذا الهدف لم يكن فقط تأكيدًا على قدراته الفنية العالية، بل أعاد الأمل للفريق في موسم شهد منافسة شرسة.
استمر في التألق في موسمي 2023 و2024، حيث سجل في نهائي دوري الأبطال مرة أخرى ضد فريق بوروسيا دورتموند، ليحصد ريال مدريد لقب البطولة للمرة الثانية في ثلاثة أعوام. أصبح فينيسيوس رمزًا للأمل والطموح في مدريد، وأحد أهم لاعبي كرة القدم في العالم، بل ونجماً يحظى بشعبية كبيرة في جميع أنحاء الكرة الأرضية.
ألقاب وإنجازات
- دوري أبطال أوروبا: 2021‑22، 2023‑24
- الدوري الإسباني: 2019‑20، 2021‑22، 2023‑24
- كأس السوبر الإسباني: 2021، 2022
- جائزة أفضل لاعب في FIFA لعام 2024
- تواجد ضمن FIFPRO World XI في 2023 و2024، وهو تكريم للاعبين الأفضل حول العالم
إضافة إلى الألقاب الفردية، يعتبر فينيسيوس من أكثر اللاعبين مساهمة في الأهداف وصناعة اللعب في ريال مدريد، وهو معروف بسرعته، مهاراته الفردية العالية، وقدرته على التفوق في المواقف الحاسمة.
العطاء خارج الميدان
بعيدًا عن كرة القدم، لا ينسى فينيسيوس أصوله وبيئته التي خرج منها. فقد أسس "معهد فيني جونيور" في البرازيل، وهو مشروع تعليمي واجتماعي يهدف إلى دعم الأطفال والشباب في المناطق المحرومة، من خلال توفير فرص التعليم والتدريب الرياضي.
استثمر ملايين الريالات في تطوير هذا المشروع، ويحرص على متابعة تأثيره بشكل شخصي، مما جعله مثالاً يحتذى به في المسؤولية الاجتماعية. يعتقد فينيسيوس أن النجاح لا يكتمل إلا بمساعدة الآخرين وترك أثر إيجابي في المجتمع، وهو ما يجعل قصته ملهمة لكل من يتابع مسيرته.
المستقبل.. تجديد عقد والتقدير
في عام 2025، أعلن فينيسيوس جونيور عن سعادته بالبقاء مع ريال مدريد، وأعرب عن رغبته القوية في تجديد عقده مع النادي، رغم العروض المغرية التي تلقاها من أندية سعودية وصلت قيمتها إلى أكثر من 350 مليون يورو.
يؤكد فينيسيوس أن تركيزه الكامل في الوقت الحالي منصب على تحقيق المزيد من النجاحات مع النادي الملكي وإسعاد جماهيره التي ترى فيه رمزاً من رموز العصر الذهبي لريال مدريد. هذه الخطوة أثارت إعجاب عشاق كرة القدم الذين يرون فيه مثالًا على الولاء والتفاني.
خاتمة
قصة فينيسيوس جونيور ليست فقط قصة نجاح رياضية، بل هي ملحمة حياة تحكي كيف يمكن للإرادة والعزيمة أن تتغلب على كل الصعوبات. من شوارع ساو جونزالو البرازيلية إلى ملاعب سانتياغو برنابيو، أثبت فينيسيوس أن الأحلام الكبيرة تبدأ بخطوات صغيرة.
إنجازاته داخل وخارج الملعب تضعه بين أفضل نجوم كرة القدم في العالم، ويظل فينيسيوس مصدر إلهام لكل شاب يحلم بأن يصبح لاعباً محترفاً، فهو دليل حي على أن العمل الجاد والمثابرة هما مفتاح الوصول إلى القمة.
المصادر:
هذا اللاعب لو ينتقل الي الدوري السعودي راح ملفت للنظر
ردحذف